ما سمات السائق الصغير؟
لا شك في أن حوادث السيارات من الكوارث الخطيرة التي تعاني منها المجتمعات بداية من الأسرة حتى الحكومات والاقتصاد.. إلا أن درجة الخطر تزداد في حال وجود صغار في عمر المراهقة خلف مقود السيارة. الحقيقة أن الإحصائيات العالمية تبيّن أن النسبة الأكبر من حوادث السير ترجع بشكل أو بآخر إلى الصغار من قائدي السيارات؛ فطبقا لبعض الإحصائيات التي قام بها أحد معاهد السلامة المرورية الأمريكية:
- إن ثلث حالات الوفاة في الفئة العمرية بين 13- 19 بسبب حوادث السيارات.
- أكثر الحوادث يرتكبها أو يتضرر منها الفئة العمرية من 16- 19 عاماً، دون غيرها من الفئات العمرية.
- تعتبر حوادث المرور السبب الرئيسي للإصابة بالشلل والعجز عن الحركة وكسور العمود الفقري لدى الشباب.
- كلما كان السائق صغيراً زادت الخطورة.
إن مثل هذه الإحصائيات تُبيّن مدى الخطر الناجم عن قيادة صغار السن للسيارات، خاصة أنهم طاقات المستقبل لأي أمة في العالم.
أخطاء الصغار
هناك عدة صفات تمثل السمة الرئيسية لقائدي السيارات من صغار السن والمراهقين، وتسبب في الغالب ارتكابهم للحوادث. إن أولى هذه الصفات هي عدم الخبرة، وربما كان هذا العامل من العوامل التي يدركها الكثيرون، إلا أن ضرورتها الملحة تفترض دائماً التأكيد عليها، حيث عادة ما يكون السائق الصغير عديم الخبرة بقواعد المرور وطرق القيادة الآمنة، ناهيك عن عدم القدرة على اتخاذ القرار السليم في المواقف الفجائية التي عادة ما يتعرض لها السائق. ولا يدرك الكثير من المراهقين حقيقةً، هي أن الجلوس في مقعد الراكب العادي يختلف كثيرا عن فكرة الجلوس خلف عجلة القيادة.
هناك أيضاً عامل التهور: تلك الصفة التي تنتشر عند الشباب والمراهقين بحكم مرحلتهم السِّنية والتكوين النفسي لهذا السن في الغالب. من ناحية أخرى لا أحد ينكر ما للجلوس خلف مقود السيارة من سحر خاص، فالسائق من هذا المكان يشعر وكأن بإمكانه مسابقة الريح، وأنه ليس هناك من يمكن أن يتفوق عليه أو أن يسبقه، خاصة إذا ما كان ذلك السائق صغير السن ويجلس خلف مقود سيارة من أحدث الموديلات. كما يضاف لهذه الصفة الرغبة في السرعة ومسابقة السيارات لإشباع رغبة التفوق التي يشعر بها. وإذا ما ربطنا هذه المشكلة مع عامل عدم الخبرة ندرك حينها الخطر الكبير الذي يحيط بقيادة صغار السن للسيارات.
عدم استخدام حزام الأمان: هذه المسألة يرى البعض أنها بمثابة قنبلة موقوتة على الطريق؛ إذ إن القيادة دون حزام أمان من أهم سمات السائق الصغير؛ نظراً إلى حبه للتهور والخروج عن المألوف. من ناحية أخرى أبرزت الإحصائيات أن ما نسبته 41% من حالات الوفاة في حوادث السيارات تكون بسبب عدم استخدام حزام الأمان، فالأمر ببساطة يمكن تفسيره عن طريق قوانين الفيزياء الشهيرة مثل قانون نيوتن القائل: (إن الأجسام المتحركة تميل إلى الاستمرار في الحركة)، وهذا يعني أن قائد السيارة أثناء الحادث سوف يصطدم بالزجاج الأمامي إذا لم يكن هناك ما يمسكه مثل حزام الأمان أو الوسائد الهوائية بطبيعة الحال. وهنا يجدر بنا أن نتقدم بهمسة في أذن قائد السيارة الأب بأن يكون قدوة حسنة بالنسبة إلى ابنه في مسألة استخدام حزام الأمان.
الصحبة والتنزه بالسيارة: لقد كان هذا العامل من العوامل التي لم تدرس من قبل ولم تؤخذ في الاعتبار إلا منذ وقت قريب. ففي دراسة قريبة أجريت بجامعة هوبكنز الأمريكية اكتشف الباحثون أن الحوادث المميتة غالباً ما تكون جماعية، بمعنى أن قائد السيارة لا يكون بمفرده، وإنما يكون مع رفقة من أصدقائه. وهذه النقطة يمكن تفسيرها من أوجه مختلفة، فأولاً تزداد روح المنافسة بين الشباب حينما يجتمعون ببعضهم؛ الأمر الذي تفسره الأرقام حينما تفيد بأن الحادث تتضاعف نتائجه إلى ثلاثة أضعاف في حال وجود عدد من الركاب في السيارة نفسها. ثانياً هناك مسألة التشتيت التي يصاب بها قائد السيارة في مثل هذه الحالة والتي غالباً ما تكون سبباً في ارتكاب الحوادث.
المشكلة في السيارة
رغم أن مشكلة حوادث صغار قائدي السيارات قد ترجع لسائقي السيارات أنفسهم، إلا أن هناك عوامل أخرى تتعلق بالسيارة نفسها واختيارها دون غيرها، حتى وإن كانت السيارة جديدة وليست من فئة المستعمل. وعلى ذلك فإن هناك عددا من النصائح والخطوات التي يجب على الوالد اتخاذها في عملية شراء سيارة لابنه، وذلك حتى يتأكد من أنها تتمتع بعوامل السلامة وتأمين الراكب.
أولى هذه النصائح وأبسطها هو معرفة إمكانيات السيارة وما هي مجهزة به من عوامل أمان؛ ذلك أن السيارات الجديدة لا تحتاج إلى الكشف عن صيانتها أو حالة المحرك وما إلى ذلك، وإنما يكون الكشف عن معاملات القوة في هيكل السيارة ومدى تحملها للصدمات الأمامية والجانبية، وكذلك مدى احتمالية تعرضها للانقلاب. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه المعلومات ليست صعبة المنال على الإطلاق؛ فبمجرد الدخول إلى موقع الشركة المصنعة للسيارة على الإنترنت يمكن معرفة الكثير من التفاصيل عن هذه الأمور.
بعد ذلك يأتي حجم السيارة، حيث إنه كلما كانت السيارة بحجم أكبر قلّت مساحة الضرر الذي يمكن أن يترتب على الاصطدام؛ ذلك أن مساحة السيارة الأكبر تمتص الصدمة بعيداً عن السائق أو الراكب، بخلاف السيارات الصغيرة.
أما في حال السيارات المستعملة فيجب الكشف عن المحرك ونظام المكابح والبطارية وغيرها من مكونات السيارة، كما يجب التأكد من وجود حزام الأمان وأنظمة الإضاءة وأنها تعمل بشكل جيد.
نصائح مهمة
في النهاية يجب على الأب أن يتبع بعض الإجراءات حتى بعد عملية شراء السيارة نوردها فيما يلي:
* أن يتأكد الأب من تدريب ابنه على القيادة بشكل جيد.
* يجب على الأب أن يركب مع ابنه (متخذاً مقعد الراكب الأمامي) في كثير من الأوقات لكي يراقب عن كثب طريقته في القيادة وتقديم النصائح له إذا لزم الأمر.
* إذا وقعت أخطاء من الابن أثناء القيادة فيجب ألا يقوم الأب بتأنيبه أثناء القيادة؛ حتى لا يصاب بالإرباك فتقع منه أخطاء أكبر. والأفضل أن يحتفظ الأب بالإرشادات أو الاعتراضات حتى تنتهي الرحلة ويعودا إلى البيت، وعندها يبدأ الأب بتوجيه الإرشادات.
* يجب على الأب منح الثقة لولده وقت القيادة حيث يشعره بأنه قد تصرف في موقف معين بشكل جيد وما إلى ذلك، مع البُعد عن الإطراء الذي قد يكسبه شعور التفوق؛ ما يدفعه إلى التهور.
* يجب على الأب أن يتعرف على أصدقاء ابنه الذين يمكن أن يركبوا معه في سيارته أو يركب هو معهم في سياراتهم. وبالرغم من أنه قد يظن البعض أن هذه النصيحة ليس لها علاقة بهذه النصائح، إلا أنها وطيدة الصلة بالموضوع؛ فكما أن الصديق الصدوق مهم في جميع أمور الحياة نجده مهماً أيضاً في هذا الموضوع، وخاصة أن الأحاديث عن السيارات والتحديات والسباقات تكثر بين الأقران في السن والأصدقاء في المرحلة العمرية نفسها.
* التأكد من وجود تأمين على سيارة الابن مع معرفة نوعية هذا التأمين ومدى شموليته.