من أهم قضايا الإيمان عند المسلم أن يؤمن بأن الله كتب الرزق له وقسمه قبل أن يولد،فمن حديث ابن مسعود -أن الله تعالى- يأمر الملك الموكل بنفخ الروح في الجنين بأربع كلمات:" يكتب رزقه
،وأجله،وعمله،وشقيٌ هو أم سعيد ". [ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ] {لقمان:34}
يجب على المسلم الأخذ بأسباب الرزق والامتناع عن موانعه وهي :
ا-الإيمان والعمل الصالح.. [وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ] {الأعراف:96} }
2- إقامة شرع الله..وهي أن تجعل حياتك كلها على منهج الله..’نفسك وبيتك ومجتمعك وعملك[وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا] {الجنّ:16}
3ـ إحسان العمل والإخلاص.. فكان الرزق الذي جاء مريم وأدهش زكريا أنها كانت صدّيقة متجردة لله تعالى , وكان مظهر قبول الله تعالى لها ذلك الرزق العجيب.
[فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا المِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ] {آل عمران:37}
الاستغفار:
انظروا إلى نوح عليه السلام وقد ملأ اليقين قلبه بعطاء الله ورزقِه ِيقدم إلى قومه هدية الاستغفار,وباليتهم قبلوها..:" [فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا(10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا(11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا(12) مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ للهِ وَقَارًا(13) ]. {نوح}. وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم:"من لزم الاستغفار جعل الله له من كلّ ضيقٍ مخرجاً ومن كل همٍ فرجاً ورزقه من حيث لايحتسب"
البرّ وصلة الأرحام :
وعجيبة تلك الوصية بالارحام في ديننا ،حتى أن الله تعالى لمّا خلق الرحم قال لها:"أرضيت ان أجعل لك أسماّ من اسمي؟من وصلكِ فقد وصلني ،ومن قطعك فقد قطعني."...ثم إنبساط الرزق يترتب على صلة الرحم،يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"من سرّهُ أنْ يُبسطَ لهُ في رزقه ،اويُنْسأَ له في أثرهِ فليصلْ رَحمه."
التقوى:
وهي الخوف والرجاء والمنتظر ممن يرجو رزق الله إن يعمل على عدم إغْضابه فهي دائرة مغلقه على الخير إياك أن تكسرها قال تعالى:"[ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا(2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3) ]. {الطَّلاق}. :2} "
التبكير في طلب الرزق:
وكأنا نستمع مع أصوات الطيور الغادية مع بدايات أشعة الشمس في أول النهار إلى دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يردده الكون من حولنا:"اللهم بارك لأمتي في بكورها."
رجلٌ تاجر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاق عليه الحال يوماً هذا الصحابي اسمه صخر الغامدي تذكر هذا الدعاء فكان إذا بعث تجارة بعثها أول النهار ومع بكور الصباح فكثر ماله.
عن صخر الغامدي :وهو رجلٌ من الازد إن النبي صلى الله عليه وسلم:"قال اللهم بارك لأمتي في بكورها".قال: "وكان رسول الله إذا بعث سريّةً بعثهم أول النهار.
وكان صخر رجلاً تاجراً وكان له غلمان فكان يبعث غلمانه من أول النهار قال:"فكثر ماله حتى كان لا يدري أين يضعه"......رواه احمد,
لايمنع التوكل الأخذ بالأسباب:
عن عمر بن الخطاب قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير,تغدو خماصاً وتروح بطاناً "...أي تغدو في الصباح بطونها خاوية وتعود في المساء وقد امتلأت البطون رزقاً من سعيها.. ولذلك ربط الله تعالى الآكل بالمشي فقال:" [فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ] {الملك:15}
والإشارات القرآنية تضيء لنا تلك القضية. فهل كان يحتاج موسى إلى"اضرب" وتحتاج مريم إلى"وهُزّي" فإن البحر كان مفلوقاً والرطب كان متساقطاً بقدر الله.. ولا شك.
إلا ان الله تعالى ربط قَدَرَه وعطاءه بضرب موسى للبحر وهز مريم للجذع وهذا الجهد ...
فقال لموسى "[ اضْرِبْ بِعَصَاكَ البَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ العَظِيمِ] {الشعراء:63}
وقال لمريم:"[وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا] {مريم:25} فهل بقي للكسالى حجة .وهل مازال المتوكلون نائمين؟.
الدعاء:
فالله تعالى يجيب المضطر إذا دعاه...و المضطر هو الذي أعطى كل طاقته .ثم يطلب من الله’ فليس القاعد الكسول مضطراً. ولذلك قيل:" إن الله يحب أن يرى اليد المرفوعة بالدعاء، وقد أمسكت بالفأس تضرب بها الأرض." فاستمعوا يا من أهمتكم الهموم، وأقضّتْ مضاجعكم الديون.. عن سعيد الخدري قال :دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ المسجد فإذا هو برجلٍ من الأنصار
يُقالُ له أبو أمامه فقال:"يا أبا إمامة:مالي أراك جالساً في المسجد غير وقت الصلاة؟. قال: هموم لرمتني وديونٌ يا رسول الله. قال:" أفلا أعلمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب الله عز وجلّ همك وقضى عنك دينك؟" قال: قلت بلى يارسول الله"
قال:" قل إذا أصبحت وإذا أمسيت اللهم إني أعوذ بك من الهمّ والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال..
قال: ففعلت ذلك. فأذهب الله عز وجلّ همي وقضى عني ديني."
شكر النعمة :
إنها معادلة ربانية لا جدال فيها: إن الزيادة قرينة الشكر والعكس صحيح..يقول الله تعالى:" [وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ] {إبراهيم:7}
وبناءً على هذه المعادلة فإن التمرة تحتاج إلى الشكر عليها حتى تزيد.. عن آنس رضي الله عنه أن سائلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه تمرة .
فقال الرجل:"سبحان الله نبي يتصدق بتمرة.."فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أما علمت أنّ فيها مثاقيل كثيرة؟" . واتاه آخر فسأله فأعطاه تمرة فقال:"تمرة من نبي؟" والله لاتفارقني ما بقيت ولا أزال أرجو بركتها أبداً، فأمر له النبي صلى الله عليه وسلم بمعروف ،ثم ما لبث الرجل أن أغناه الله."
الصدقة:
وهذا هو أعجب العجب أن تأخذ من الشيء فيزيد ولكن إذا عرفت أين تقع الصدقه يزول العجب يقول تعالى:"[ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ] {سبأ:39} "
ولذلك يسارع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بلال عندما يستشعر منه الإمساك قائلاً :"أنفق بلالا،ولا تخشى من ذي العرش إقلالاً".. ويجنّد الله للمنفقين ملائكة يدعون لهم :عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" مامن يوم يُصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما :اللهم أعطِ منفقاً خلفاً ،ويقول الأخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً"..
الصلاة على النبي:
وهي خاتمة المسك ورابطة العقد وكلما استغرقت فيها كلما كان العطاء... قال صلى الله عليه وسلم "أتاني آتٍ من ربي فقال : لا يصلي عليك عبدٌ صلاة إلا صليت عليه عشراً. فقال رجل:"يا رسول الله؟ ألا أجعل نصف دعائي لك؟ قال :إ"إنْ شئتَ" قال: ألا أجعل كل دعائي لك ؟ قال:"وإذًا يكفيك الله همّ الدنيا والآخرة"
ادعوا لي بالسداد والمغفرة والتوفيق من عند الله