منذ أقدم العصور كان الاردن مأهولا بالسكان بشكل متواصل تعاقبت عليه حضارات متعددة، وقد استقرت فيه الهجرات السامية التي أسست تجمعات حضارية مزدهرة في شماله وجنوبه وشرقه وغربه, ساعده على ذلك مناخه المتنوع وموقعه الذي يربط قارات العالم القديم فكان قناة للتجارة والمرور البشري بين شتى بقاع العالم.
وقد شهد الأردن توطن حضارات و ممالك كبرى صبغت بقوتها تاريخ تلك الحقب ، ومن أبرزها المملكة المؤابية في جنوب الأردن بقيادة الملك يوشع ، ومملكة الأنباط العربية التي بسطت حكما واسعا على المنطقة الممتدة من بصرى الشام إلى مدائن صالح ، وتشكيل شمال الأردن الركن الأساسي لتحالف المدن العشر اليونانية.
وتظل المدن الأردنية بما تحمله من آثار ومواقع خير دليل على ضربها في أعماق التاريخ وأنها كانت موئلا لآباء البشرية .
وبعد ذلك خضع الأردن للحكم الروماني الذي أغنى بحضارته المنطقة فكان الأردن جزءا لا يتجزأ من تلك الإمبراطورية القوية.
وفي فترة انتشار الحكم الإسلامي كان الأردن بوابة الفتح للشام وشهدت أرضه معارك مؤتة واليرموك وروى الشهداء المسلمون أرضه بدمائهم واحتضنت ارضه كوكبة من قادة المسلمين المشهورين وعلى رأسهم أمين الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح وشرحبيل بن حسنة وضرار بن الازور في غور الأردن ، وجعفر بن أبي طالب وصحبه في ثرى مؤتة ، ناهيك عن قبور صحابة وقادة آخرين.
كما شهدت ساحاته العديد من الحوادث المفصلية والهامة ، فكان التحكيم بين أنصار علي بن أبى طالب رضي الله عنه ومعاوية بن أبى سفيان قد جرى في مدينة اذرح في معان وانطلقت من الحميمة الدعوة العباسية و استلام العباسيين الحكم بعد ذلك .
وفي فترة الحكم الأموي والعباسي وما تلاهما كان للحكم الإسلامي موطئ قدم في الأردن . وأيام الحروب الصليبية ساهم الأردن بفعالية في نصرة المسلمين حيث كان يمثل منطقة وصل والتقاء بين مصر والشام .
وحينما حكم العثمانيون المنطقة ، تنبهوا لأهمية الأردن ، فكان ممرا للقوافل ومنطقة ضرورية لتدعيم الحكم العثماني في الأجزاء الجنوبية من إمبراطوريتهم.
المواقع الاثرية
ربة عمون.. عمان عاصمة الأردن منذ العصور الغابرة. شادها العمونيون القدماء عاصمة لهم، وهي المدينة التي ازدهرت في أيام اليونان والرومان وحملت اسم فيلادلفيا - مدينة الحب الأخوي.
هي بيت الجميع، ورفيقة الزائر، وفيها يلتقي القديم بالحديث، ويلتقي محبو الحياة، والعمل، والاستجمام، والعلم، وفيها كرسي الحكم والإدارة، ووزارات الدولة، كما أنها المركز التجاري للمملكة ...هي مدينة الصغير والكبير، الرجل والمرأة، العائلة والأصدقاء، العازب والمتزوج، وفيها ما يروق للباحث عن الصخب والباحث عن الهدوء.. إنها مدينة للجميع، تفتح ذراعيها وأبواب بيوتها المشيدة بالحجر الأبيض لكل ضيوف الأردن القادمين عبر الحدود البرية، أو القادمين جوا إلى مطار الملكة علياء الدولي.
تتمتع عمان بثروة من المعالم الأثرية الخالدة، فعلى جبل القلعة يرتفع معبد هرقل، إلى جانب متحف الآثار الذي يمكن للزائر أن يشاهد فيه أدوات تمثل حياة الإنسان في عهود موغلة في القدم، وفي وسط المدينة يقع سبيل الحوريات، وعلى مقربة من السبيل ينتصب المدرج الروماني الكبير الذي يتسع لخمسة آلاف متفرج.
تتميز بأسواقها الكبيرة التي تجمع بين المنتجات التقليدية والسلع الحديثة المحلية والمستوردة. وتنتشر الحدائق العامة في مختلف مناطق العاصمة وضواحيها.
مادبا جنوبي عمان، وفيها أرضية الفسيفساء النادرة التي تعود إلى العهد البيزنطي في كنسية الروم الأرثوذكس، وهنا يستطيع الزائر أن يشاهد أقدم خارطة للأرض المقدسة.
وإلى الجنوب من مادبا تقع قلعة مكاور التي سجن فيها النبي يحيىعليه السلام ، ثم قطع هيرودوس رأسه وقدمه على طبق هدية للراقصة سالومي.
وإلى الغرب من مادبا، فيقع جبل نبو المطل على البحر الميت ووادي الأردن، وهناك من يعتقد أن النبي موسى دفن في هذا الجبل الذي أقيم على قمته بناء لحماية لوحات الفسيفساء الرائعة التي تعود إلى القرنين الرابع والسادس للميلاد.
غور الأردن ومنه نطل على بدايات التاريخ، ..نتلمس حجارة أقدم مدن الأرض، ونتابع تعرجات النهر المقدس، وآثار الأنبياء والرسل والصحابة وحيث بداية الحضارات الإنسانية القديمة.. إلى الغرب من عمان، وعلى مسافة 55 كيلومترا منها تقع أكثر بقاع الأرض انخفاضا عن مستوى سطح البحر/490مترا/ .. البحر الميت، الذي عاش عبر الحقب التاريخية المتعاقبة، ليصبح من أكثر المناطق جذبا للسياح الباحثين عن الدفء في فصل الشتاء، والطبيعة الخلابة، والغرابة التي تتجسد في بحر لا كائن حيا فيه بسبب كثافة أملاحه، لكن في مياهه المالحة علاج للكثير من الأمراض، وما زال الناس يستشفون في هذه المياه منذ آلاف السنين. كما أن أملاح البحر الميت تكون المواد الخام لإنتاج البوتاس وأملاح الاستحمام العلاجية، والمنتجات التجميلية التي يتم تسوقيها في مختلف أنحاء العالم.
وفي بحيرة الملح، ينبوع الأساطير التي سكنت في حضارات العالم، نستمتع بالعوم السهل، والتأمل العميق لهذا المكان الفريد.صعودا إلى سلسلة الجبال التي تشكل الحافة الشرقية لحفرة الانهدام، نعرج على المدن الجبلية والكروم والتلال المطلة على القدس والكثير من مدن فلسطين. والى الشرق من نهر الأردن، يقع المغطس في منطقة وادي الخرار التي سميت قديما بيت عبرة.. وهناك وقف السيد المسيح عليه السلام، وهو ابن ثلاثين عاما، بين يدي النبي يحيى لكي يتعمد بالماء، ويعلن من خلال هذا الطقس بداية رسالته للبشرية، وقد كشفت الحفريات في المنطقة آثار كنيسة بيزنطية كانت قد بنيت في عهد الإمبراطور اناستاسيوس.
ونهبط من الأعالي الجبلية باتجاه السهول الشرقية التي ملأت خزائن الإمبراطوريات بالقمح، ونواصل رحلتنا شرقا إلى حافة الصحراء المقصبة بالرمال الذهبية،وهي التي كانت طرقا للقوافل التجارية القديمة، وكانت بوابة للفتح الإسلامي لبلاد الشام، وفيها تقوم القلاع التاريخية ، وتتناثر القصور الصحراوية التي بناها الخلفاء.
وفي منطقة أم الرصاص التي تقع إلى الجنوب الشرقي من مادبا فقد كشفت الحفريات عن كنيسة تعود إلى عصر الأمويين وفيها أرضية من الفسيفساء تخلب الألباب بجمال رسومها.
المنتجعات العلاجية:البحر الميت وحمامات ماعين والحمة الأردنية وحمامات عفرا.
تمتاز بوفرة المياه المعدنية والطين البركاني فيها، مما يجعلها منتجعات علاجية تؤمها أعداد كبيرة من طالبي الاستشفاء من الأمراض ..هي أمكنة يتحقق فيها علاج الجسد والنفس معا، ولعل الأردن من هذه البلاد التي يختلط فيها الاستشفاء من أمراض الجسد مع الترويح عن النفس، وذلك بفضل الطبيعة التي جادت على الأرض الأردنية بكل مقومات العلاج الطبيعي من مياه حارة غنية بالأملاح، إلى طين بركاني، إلى طقس معتدل وطبيعة خلابة ما يجعل الأردن من الدول المتقدمة في مجال السياحة العلاجية .
مدينة جرش الأثرية على بعد خمسين كيلومترا إلى الشمال من عمان، وفي واد أخضر تجري فيه المياه.. تعتبر قبلة الزائرين الباحثين عن عبق الحضارة وعظمتها المنقوشة على الحجارة العتيقة والأعمدة المنتصبة في بقعة محظية بقدر كبير من الجمال والهدوء الذي يتناغم فيه غناء العصافير مع خرير المياه في الجداول. وتعتبر جرش واحدة من المدن الأثرية القليلة في العالم، التي حافظت على كل معالمها حتى الآن، فما زالت ساحات المدينة وشوارعها وأعمدتها ومسارحها الأثرية شاهدة على العهود اليونانية والرومانية في (بومبي الشرق).. جراسيا القديمة.. جرش.
وعلى مقربة من جرش، تقع مدينة عجلون الشهيرة بقلعتها التاريخية التي تسمى أيضا قلعة الربض، وتجذب هذه القلعة أعداداً كبيرة من الزائرين لما لها من قيمة تاريخية، فقد بناها عز الدين بن أسامة بن منقذ أحد قادة صلاح الدينالأيوبي ما بين عامي 1148-1185 لتقف في وجه التوسع الإفرنجي الصليبي وتحافظ على طرق المواصلات مع دمشق وشمال سوريا.